"يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر"
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
عدد المساهمات : 171 تاريخ التسجيل : 17/06/2009
موضوع: "يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر" الخميس 2 يوليو - 12:01:11
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قالرسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض علىالجمر"
رواه الترمذي.
هذا الحديث يقتضي خبراً وإرشاداً. أماالخبر، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يقل الخير وأسبابه، ويكثرالشر وأسبابه، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل. وهذا القيلفي حالة شدة ومشقة عظيمة، كحالة القابض على الجمر، من قوة المعارضين، وكثرة الفتنالمضلة، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد، وفتن الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنياوانهماكهم فيها، ظاهراً وباطناً، وضعف الإيمان، وشدة التفرد؛ لقلة المعين والمساعد
. ولكن المتمسك بدينه، القائم بدفع هذه المعارضات والعوائق التي لا يصمد لها إلا أهلالبصيرة واليقين، وأهل الإيمان المتين، من أفضل الخلق، وأرفعهم عند الله درجة،وأعظمهم عنده قدراً.
وأما الإرشاد، فإنه إرشاد لأمته، أن يوطنوا أنفسهم على هذهالحالة، وأن يعرفوا أنه لا بد منها، وأن من اقتحم هذه العقبات، وصبر على دينهوإيمانه – مع هذه المعارضات – فإن له عند الله أعلى الدرجات. وسيعينه مولاه على مايحبه ويرضاه؛ فإن المعونة على قدر المؤنة.
وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف، الذيذكره صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلارسمه، إيمان ضعيف، وقلوب متفرقة، وحكومات متشتتة، وعداوات وبغضاء باعدت بينالمسلمين، وأعداء ظاهرون وباطنون، يعملون سرًّا وعلناً للقضاء على الدين، وإلحادوماديات، جرفت بخبيث تيارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبان، ودعايات إلى فسادالأخلاق، والقضاء على بقية الرمق.
ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا، بحيث أصبحت هيمبلغ علمهم، وأكبر همهم، ولها يرضون ويغضبون، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة،والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا، وتدمير الدين، واحتقاره والاستهزاء بأهله، وبكلما ينسب إليه، وفخر وفخفخة، واستكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارهاوشرها وشرورها قد شاهده العباد. فمع هذه الشرور المتراكمة، والأمواج المتلاطمة،والمزعجات الملمة، والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة – مع هذه الأمور وغيرها – تجد مصداق هذا الحديث.
ولكن مع ذلك، فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس منروح الله، ولا يكون نظره مقصوراً على الأسباب الظاهرة. بل يكون ملتفتاً في قلبه كلوقت إلى مسبب الأسباب، الكريم الوهاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه،بأنه سيجعل له بعد عسر يسراً، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدةالكربات، وحلول المنغصات. فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال: "لا حول ولا قوة إلابالله" و"حسبنا الله ونعم الوكيل. على الله توكلنا. اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى. وأنت المستعان. وبك المستغاث. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" ويقوم بمايقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة. ويقنع باليسير، إذا لم يمكن الكثير. وبزوالبعض الشر وتخفيفه، إذا تعذر غير ذلك {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُمَخْرَجًا - وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ - وَمَن يَتَّقِاللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}.
والحمد لله الذي بنعمته تتمالصالحات. وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. (اهـ نقلاعن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).
"يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر"