موضوع: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك الخميس 25 يونيو - 2:38:59
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ، إلاما أخذته من ماله بغير
علمه.. فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" متفق عليه.
أخذ العلماء من هذا الحديث فقهاً كثيراً،منه أن المستفتى والمتظلم يجوز أن يتكلم بالصدق فيمن تعلق به الاستفتاء والتظلم،وليس من الغِيبة المُحَرَّمة، وهو أحد المواضع المستثنيات من الغِيبة. ويجمعالجميع، الحاجة إلى التكلم في
الغير؛ فإن الغيبة المحرمة ذكرك أخاك بما يكره. فإناحتيج إلى ذلك – كما ذكرنا وكما في النصيحة الخاصة، أو العامة، أو لا يعرف إلابلقبه – جاز ذلك بمقدار ما يحصل به المقصود.
ومنه: أن نفقة الأولاد واجبة على الأب،وأنه يختص بها، لا تشاركه الأم فيها ولا غيره. وكذلك فيه: وجوب نفقة الزوجة، وأنمقدار ذلك الكفاية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيكويكفي بنيك" وأن
الكفاية معتبرة بالعرف بحسب أحوال الناس: في زمانهم ومكانهم،ويسرهم وعسرهم، وأن المنفق إذا امتنع أو شحَّ عن النفقة أصلاً أو تكميلاً، فلمن لهالنفقة أو يباشر الإنفاق أن يأخذ من ماله، ولو بغير علمه.
وذلك لأن السبب ظاهر. ولاينسب في هذه الحالة إلى خيانة. فلا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تخن منخانك". وهذا هو القول الوسط الصحيح في مسألة الأخذ من مال من له حق عليه بغير علمهبمقدار حقه. وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، أنه لا يجوز ذلك، إلا إذا كان السببظاهراً، كالنفقة على الزوجة والأولاد والمماليك ونحوهم. وكحق الضيف. ومنه أنالمتولي أمراً من الأمور يحتاج فيه إلى تقدير مالي، يقبل قوله في التقدير؛ لأنهمؤتمن، له الولاية على ذلك الشيء . ومنه: أن المستفتى فتوى لها تعلق بالغير إذا غلبعلى ظن المسؤول صدقه: لا يحتاج إلى إحضار ذلك الغير. وخصوصاً إذا كان في ذلك مفسدة،كما في هذه القضية؛ فإنه لو أحضر أبا سفيان لهذه الشكاية لم يؤمن أن يقع بينه وبينزوجه
ما لا ينبغي. وليس في هذا دلالة على الحكم على الغائب؛ فإن هذا ليس بحكم. وإنما هو استفتاء . . والله أعلم.
(اهـ نقلا عن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي(