موضوع: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الأحد 28 يونيو - 2:35:41
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: "قيل: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده – أو يحبه – الناسعليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن" رواه مسلم.
أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: أنآثار الأعمال المحمودة المعجلة أنها من البشرى؛ فإن الله وعد أولياءه – وهمالمؤمنون المتقون – بالبشرى في هذه الحياة وفي الآخرة. و"البشارة" الخبر أو الأمرالسار الذي يعرف به العبد حسن عاقبته، وأنه من أهل السعادة، وأن عمله مقبول. أما فيالآخرة فهي البشارة برضى الله وثوابه، والنجاة من غضبه وعقابه، عند الموت، وفيالقبر، وعند القيام إلى البعث يبعث الله لعبده المؤمن في تلك المواضع بالبشرى علىيدي الملائكة، كم تكاثرت بذلك نصوص الكتاب والسنة، وهي معروفة.
وأما البشارة فيالدنيا التي يعجلها الله للمؤمنين؛ نموذجاً وتعجيلاً لفضله، وتعرفاً لهم بذلك،وتنشيطاً لهم على الأعمال فأعمها توفيقه لهم للخير، وعصمته لهم من الشر، كما قالصلى الله عليه وسلم : "أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة".
فإذا كان العبديجد أعمال الخير ميسرة له، مسهلة عليه، ويجد نفسه محفوظاً بحفظ الله من الأعمالالتي تضره، كان هذا من البشرى التي يستدل بها المؤمن على عاقبة أمره؛ فإن الله أكرمالأكرمين، وأجود الأجودين. وإذا ابتدأ عبد بالإحسان أتمه. فأعظم منة وإحسان يمن بهعليه إحسانه الديني.
فيسرّ المؤمن بذلك أكمل سرور: سرور بمنة الله عليه بأعمالالخير، وتيسيرها؛ لأن أعظم علامات الإيمان محبة الخير، والرغبة فيه، والسرور بفعله. وسرور ثان بطمعه الشديد في إتمام الله نعمته عليه، ودوام فضله.
ومن ذلك ما ذكرهالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: إذا عمل العبد عملاً من أعمال الخير – وخصوصاً الآثار الصالحة والمشاريع الخيرية العامة النفع، وترتب على ذلك محبة الناسله، وثناؤهم عليه، ودعاؤهم له - كان هذا من البشرى أن هذا العمل من الأعمالالمقبولة، التي جعل الله فيها خيراً وبركة.
ومن البشرى في الحياة الدنيا، محبةالمؤمنين للعبد: لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِسَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} أي محبة منه لهم، وتحبيباً لهم في قلوبالعباد. ومن ذلك الثناء الحسن؛ فإن كثرة ثناء المؤمنين على العبد شهادة منهم له. والمؤمنون شهداء الله في أرضه. ومن ذلك الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو تُرى له؛فإن الرؤيا الصالحة من المبشرات.
ومن البشرى أن يقدر الله على العبد تقديراً يحبهأو يكرهه. ويجعل ذلك التقدير وسيلة إلى إصلاح دينه، وسلامته من الشر. وأنواع ألطافالباري سبحانه وتعالى لا تعدّ ولا تحصى، ولا تخطر بالبال، ولا تدور في الخيال. والله أعلم.
(اهـ نقلا عن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصرالسعدي).