قبل أن تسافر .. إليك مسائل فقهية في صلاة المسافر ..

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

قبل أن تسافر .. إليك مسائل فقهية في صلاة المسافر ..

بسم الله الرحمن الرحيم

مقــدِّمة
في الحكمة من الأسفار
جعل الله تعالى السَيْرَ في الأرض، ومشاهدة ما فيها من عجائب الخلق، والوقوف على أطلال السابقين، وآثار الغابرين:
(تذكرة للقلوب) ، (وموعظة للنفوس) ، (وعبرة بما مضى من القرون)
قال تعالى [قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ] وقال[فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ]
وفيما يتعلق بعجائب المخلوقات في الأرض يقول الله تعالى [قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ].
== == == == ==

العبادة لا تتوقف مهما كانت أغراض السفر
وللناس في أسفارهم أغراض متنوعة، فمنها أغراض مشروعة ومنها أغراض غير مشروعة، ومنها ما يكون حتماً لا بدَّ للإنسان منه، ومنها أسفار للنزهة والترويح عن النفس، والمؤمن يعبد الله تعالى في حله وترحاله، ولا ينفك عن عبوديته لخالقه سبحانه بحال .
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مراعاة حال المسافر في التشريع
من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه سبحانه أباح لهم السفر؛ لما فيه من تحصيل مصالحهم، ثم خفف عنهم فيه لمظنة ما يلحقهم في أسفارهم من مشقة، وقد قال سبحانه وتعالى [يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ]{البقرة:185}وفي آية أخرى [مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ]{المائدة:6} وفي ثالثة [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] {الحج:78}.
خص الشارع الحكيم جل وعلا السفر بأحكام تناسب حال المسافر، فقابل مشقة السفر وعنته وغربة المسافر وشغله بالتخفيف عنه:

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مراعاة حال المسافر في التشريع
من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه سبحانه أباح لهم السفر؛ لما فيه من تحصيل مصالحهم، ثم خفف عنهم فيه لمظنة ما يلحقهم في أسفارهم من مشقة، وقد قال سبحانه وتعالى [يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ]{البقرة:185}وفي آية أخرى [مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ]{المائدة:6} وفي ثالثة [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] {الحج:78}.
خص الشارع الحكيم جل وعلا السفر بأحكام تناسب حال المسافر، فقابل مشقة السفر وعنته وغربة المسافر وشغله بالتخفيف عنه:
(خفف عنه في فرائض العبادات.. في عددها وصفتها)
(وضع عنه بعض النوافل وكتب له أجرها لأن سفره قد منعه فعومل كعاملها لئلا يكون انقطاعه عنها سبباً لعزوفه عن سفر يحتاجه)
روى أبو موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيما صحيحا»رواه البخاري.
== == == == ==

في هذه الحالة تسقط عنك الصلاة بالكلِّية!!
إن الصلاة أمرها عظيم، وشأنها كبير.. تلازم المؤمن ما لازمه عقله، فلم توضع عنه في سفر ولا مرض ولا خوف ولا غير ذلك، بل يؤديها على كل حال، إلا أن الله تعالى قد خفف عن العبد .

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مسائل في طهارة المسافر
(شرع له التيمم إذا فقد الماء أو كان يضره)

(خفف عن المسافر فزاد مدة المسح على الخفين إلى ثلاثة أيام بلياليها؛ لما يلحق المسافر من مشقة في كثرة نزع جواربه وخفافه)

(يبدأ المسافر حساب المدة من أول مرة مسح على جواربه، وليس من مجرد اللبس ولا من أول حدث)

(إذا أصابته الجنابة أو حاضت المرأة، فيلزم الغسل ولا مسح حينئذ)

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
«جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم، يعني في المسح على الخفين»رواه مسلم.
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مسائل في قصر الصلاة للمسافر

(مسألة: خُفف عن المسافر في الصلاة المفروضة فشُرع له قصر الرباعية إلى ركعتين)
قال الله تعالى [وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ]
وجاء عند الشيخين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
« فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر»
وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:
«صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر عن ركعتين»رواه الشيخان.

(مسألة: لو أتم المسافر صحت صلاته لكنه خالف السنة)
نهى ابن عمر رضي الله عنهما عن ذلك نهياً شديداً
وقيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى:«للرجل أن يصلي في السفر أربعاً؟ قال: لا، ما يعجبني ذلك، السنة ركعتان».

(مسألة: لا يقصر الصلاة في بيته ثم يسافر)
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر إلا لما باشر السفر ولأنه قد يعرض له ما يمنعه من السفر
(مسألة: لو باشر السفر وقصر ثم عرض له ما يقتضي رجوعه فإنه لا يعيد صلاته ولو رجع من أول الطريق، أو فاتته الطائرة)
لأنه أدى الصلاة كما أمر الله تعالى ولا يضره ما عرض له فأرجعه

(مسألة: من لم يتأكد حجزه فلا يقصر ولا يجمع)
لاحتمال أن لا يسافر.

(مسألة: إذا دخل عليه الوقت وهو مقيم ثم سافر فصلى الصلاة في السفر فيقصرها)
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:«أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها».

(مسألة: إذا صلّى المسافر خلف المقيم فإنه يصلي أربعاً مطلقاً حتى ولو لم يدرك معه إلا التشهد؛ لأنه مأمور أن يأتم بإمامه)
سئل ابن عباس رضي الله عنهما:«ما بال الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام أربعا؟ فقال: تلك هي السنة»رواه مسلم.

(مسألة: إذا صلّى المسافر بمقيمين فإنه يقصر وهم يتمون بعد سلامه)

(مسألة: إذا دخل المسافر مع إمام لا يدري هل يتم أم يقصر فينوي نية الإمام، إن قصر قصر معه، وإن أتم أتم معه)
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مسائل في قراءة الصلاة ونوافلها للمسافر
(مسألة: من السنة تقصير القراءة في صلاة السفر وعدم إطالتها)
وقد ثبت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يخففون القراءة في أسفارهم فيقرءون في صلاة الفجر بقصار المفصل، ويتأكد التخفيف في المطارات وصالات القطارات، وموانئ السفن؛ لئلا تفوت الرحلة على المسافرين.

(مسألة: تسقط السنن الرواتب عن المسافر فلا يأتي بها إلا راتبة الفجر والوتر ويتأكد في حقه المحافظة عليهما في السفر)
لفعل النبي صلى الله عليه وسلم

(مسألة: له أن يأتي ببقية النوافل من قيام ليل وصلاة ضحى ونفل مطلق)

(مسألة: له أن يتنفل وهو جالس في السيارة أو الطائرة أو القطار أو غير ذلك، ولا يضره عدم استقبال القبلة)
(فائدة: وهذا التشريع من الفرص العظيمة للمسافرين أن يقطعوا أسفارهم بالنوافل، ولا سيما أن دعوة المسافر مجابة).
== == == == ==

مسائل في جمع الصلاة للمسافر
(مسألة: ومن التخفيف في السفر مشروعية الجمع فيه)
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سَيْرٍ ويجمع بين المغرب والعشاء»
رواه الشيخان .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الجمع بين الصلاتين في السفر سنّة عند الحاجة إليه، مباح عند عدم الحاجة إليه. وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:
«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء»رواه الشيخان.

(مسألة: يفعل المسافر في الجمع تقديماً وتأخيراً ما كان أرفق به)
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم الجمع وأخره فدل ذلك على جواز الصورتين
ولأن الجمع رخصة للمسافر، والرخصة تقتضي فعل الأرفق به.

(مسألة: وأكثر العلماء يمنعون جمع العصر مع الجمعة لمن صلى الجمعة في سفره، أما لو صلاها ظهراً فيجمعها مع العصر).

(مسألة: لا يشترط في الجمع نية فلو صلى الظهر ثم بدا له أن يجمع معها العصر جاز له ما لم يرد جمع التأخير)

(مسألة: إن أراد جمع تأخير فينوي ذلك من وقت الأولى؛ لأنه لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها بلا عذر)

(مسألة: إذا جمع في السفر ثم عاد إلى بلده ولم يدخل وقت الصلاة أو لم يصلوا بعد فلا يلزمه إعادة الصلاة)
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مسائل في الأذان وأذكار الصلاة للمسافر
(مسألة: يشرع الأذان للمسافر ولو كان وحده)

(مسألة: إذا جمع فيؤذن أذاناً واحداً ويقيم لكل صلاة)

(مسألة: الأذكار التي بعد الصلاة الأُولى عند الجمع تسقط، وتبقى أذكار الثانية)

(مسألة: إذا كان الذكر بعد الأُولى أكثر من الثانية فيأتي به فمن جمع بين المغرب والعشاء فيأتي بأذكار المغرب بعد صلاة العشاء)

(مسألة: إذا جمع المسافر بين المغرب والعشاء فله أن يوتر ولا يحتاج إلى الانتظار حتى يدخل وقت صلاة العشاء)

(مسألة: إذا جمع في السفر ثم عاد إلى بلده وهم يصلون فإن أراد الصلاة معهم كانت الثانية له نافلة)
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

مسائل في وقت دخول الوقت واتجاه القبلة وهيئة الفرضة للمسافر
(مسألة: من صلى المغرب في المطار بعد دخول وقتها ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس فصلاته صحيحة ولا يعيد)

(مسألة: على المسافر أن يجتهد في تحرِّي القبلة بسؤال أهل البلد أو تعيينها بالأجهزة الحديثة أو بالنجوم لمن يعرف ذلك)

(مسألة: إن أخطأ القبلة مع تحريه وحرصه فلا شيء عليه وصلاته صحيحة)

(مسألة: إذا اختلف عارفان في تحديد القبلة، وزعم كلٌّ منهما الصواب معه صلى إلى جهة يقينه، ولا يتبع أحدهما صاحبه)

(مسألة: من عجز عن تحديد القبلة صلى إلى غير القبلة)

(مسألة: من عجز عن الصلاة إلى القبلة كمن كان في طائرة تقلع أو تهبط ووقت الصلاة سيخرج صلى إلى غير القبلة)

(مسألة: إن استطاع القيام للفريضة صلى قائما في مقعده ويومئ للركوع والسجود، فإن منع من القيام صلى جالساً)
== == == == ==

عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 26/06/2009

قبل الخــــتام

واجب على العباد أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، وأن يقوموا بدينه في إقامتهم وفي أسفارهم، وأن يراقبوه سبحانه أينما كانوا؛ فإن أعين الناس إن غابت عنهم فعين الله تعالى ترقبهم، وهو يعلم سرهم وعلانيتهم [إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] وقال تعالى [إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا] {الأحزاب:54} .

إن من الناس من لا يستشعرون ذلك فإذا حطوا رحالهم في غير بلادهم أضاعوا الفرائض، وارتكبوا المحرمات، فطرحت نساؤهم وبناتهم حجابهن أو تخففن منه كأنهن لا يحتجبن تعبداً لله تعالى، وإنما لأجل الناس، ولا ينكر عليهن أولياؤهن ذلك، وهم مسئولون عنهم أمام الله تعالى، فكلكم راع ومسئول عن رعيته.

ومن الناس من يتهاونون بالصلاة في أسفارهم فيؤخرونها عن وقتها، ومنهم من يترك بعض فروضها فيصلي تارة ويترك تارة، والتهاون بالصلاة فيه وعيد شديد جاء في قوله تعالى[فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا]وفي أخرى قال[فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ]ويدخل في هذا الوعيد الشديد من يؤخرون الصلاة عن وقتها، ولا عذر لأحد في ذلك .

ولا يصح أن يُحتج على تأخير الصلاة بالسفر ومشقته والاشتغال به؛ لأن الله تعالى قد خفف عن المسافر فشرع له القصر والجمع بحسب مصلحته، كما شرع له تخفيف الصلاة، وأجاز له أن يصلي على حاله إن خشي فوات الوقت ولو اختلت بعض شروط الصلاة وأركانها .

فما عذر المكلف أمام الله تعالى إن ضيع فريضته بحجة السفر وقد خفف الله تعالى عنه؟ وهل من شكر الله تعالى على هذا التخفيف أن يقابل المسافر هذه النعمة بإضاعة الفرائض، وارتكاب النواهي؟!..
== == == == ==

ختامًـــا
اتقوا الله ربكم في إقامتكم وسفركم، وأقيموا له دينكم، وحافظوا على فرائضكم، وانتهوا عما حرم عليكم؛ فإنكم محاسبون على أعمالكم [يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ] .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ..
كــتب
أخوكم/ محـب السـنة
بتصرف من خطبة الجمعة لهذا اليوم الموافق 10/7/1430هـ

Admin عدد المساهمات : 171 تاريخ التسجيل : 17/06/2009

» مسائل فقهية تتعلق بالصيام